فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة «أن عثمان بن مظعون اتخذ بيتًا فقعد يتعبّد فيه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه فأخذ بعضادتي باب البيت الذي هو فيه، فقال: يا عثمان، إن الله لم يبعثني بالرهبانية مرتين أو ثلاثًا، وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال «كانت امرأة عثمان بن مظعون امرأة جميلة عطرة تحب اللباس والهيئة لزوجها، فزارتها عائشة وهي تفلة، قالت: ما حالك هذه؟ قالت: إن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم علي بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وعثمان بن مظعون، قد تخلوا للعبادة وامتنعوا من النساء وأكل اللحم، وصاموا النهار وقاموا الليل، فكرهت أن أريه من حالي ما يدعوه إلى ما عندي لما تخلى له، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم نعله، فحمله بالسبابة من أصبعه اليسرى، ثم انطلق سريعًا حتى دخل عليهم، فسألهم عن حالهم، قالوا: أردنا الخير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني إنما بعثت بالحنيفية السمحة، وإني لم أبعث بالرهبانية البدعة، إلا وإن أقوامًا ابتدعوا الرهبانية فكتبت عليهم فما رعوها حق رعايتها، إلا فكلوا اللحم، وأتوا النساء، وصوموا وأفطروا، وصلوا وناموا، فإني بذلك أمرت».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
وأخرج عبد الرزاق عن عثمان بن عفان قال «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بفتية فقال: من كان منكم ذا طول فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لأحببت أن يكون لي فيه زوجة.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب. أنه قال لرجل: أتزوجت؟ قال: لا. قال: إما أن تكون أحمق، وإما أن تكون فاجرًا.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن إبراهيم بن ميسرة قال: قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقول لك ما قال عمر لأبي الزوائد، ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.
وأخرج عبد الرزاق عن وهب بن منبه قال: مثل الأعزب كمثل شجرة في فلاة تقلبها الرياح هكذا وهكذا.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن هلال، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة».
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعد بن أبي وقاص قال «لقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له في ذلك لاختصينا».
وأخرج ابن سعد والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عائشة بنت قدامة بن مظعون عن أبيها عن أخيه عثمان بن مظعون «أنه قال: يا رسول الله، إني رجل تشق عليَّ هذه العزبة في المغازي، فتأذن لي يا رسول الله في الخصاء؟ فأختصي. قال: لا، ولكن عليك يا ابن مظعون بالصيام فإنه مجفر».
وأخرج أحمد عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل».
وأخرج ابن أبي شيبة عن سمرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس «أن نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم أصوم ولا أفطر، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في سننه عن عبيد الله بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من أحب فطرتي فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح».
وأخرج البيهقي في سننه عن ميمون أبي المغلس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من كان موسرًا لأن ينكح فلم ينكح فليس منا».
وأخرج عبد الرزاق عن أيوب. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من استن بسنتي فهو مني، ومن سنتي النكاح».
وأخرج عبد الرزاق وأحمد عن أبي ذر قال «دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له عكاف بن بشير التميمي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: ولا جارية. قال: وأنت موسر بخير؟ قال: نعم. قال: أنت إذًا من إخوان الشياطين، لو كنت من النصارى كنت من رهبانهم، إن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، أبا لشيطان تتمرسون؟ ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء، إلا المتزوجين أولئك المطهرون الْمُبَرَّأون من الخنا، ويحك يا عكاف! إنهن صواحب أيوب وداود ويوسف وكرسف فقال له بشير بن عطية: ومن كرسف يا رسول الله؟ قال: رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلثمائة عام، يصوم النهار ويقوم الليل، ثم إنه كفر بعد ذلك بالله العظيم في سبب امرأة عشقها وترك ما كان عليه من عبادة ربه، ثم استدركه الله ببعض ما كان منه فتاب عليه، ويحك يا عكاف! تزوج وإلا فأنت من المذبذبين».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عطية بن بسر المازني قال «جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عكاف ألك زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: لا. قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم، والحمد لله. قال: فأنت إذًا من الشياطين، إما أن تكون من رهبانية النصارى فأنت منهم، وإما أن تكون منا فتصنع كما نصنع، فإن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، أبا لشيطان تتمرسون، ما له في نفسه سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجون المطهرون المبرأون من الخنا، ويحك يا عكاف.! تزوج إنهن صواحب داود، وصواحب أيوب، وصواحب يوسف، وصواحب كرسف، فقال عطية من كرسف يا رسول الله؟ فقال: رجل من بني إسرائيل على ساحل من سواحل البحر يصوم النهار، ويقوم الليل، لا يفتر من صلاة ولا صيام، ثم كفر من بعد ذلك بالله العظيم في سبب امرأة عشقها فترك ما كان عليه من عبادة ربه عز وجل، فتداركه الله بما سلف منه فتاب الله عليه، ويحك.! تزوج وإلا فإنك من المذبذبين».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي نجيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان موسرًا لأن ينكح فلم ينكح فليس مني».
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أبي نجيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مسكين مسكين، مسكين رجل ليست له امرأة. قيل يا رسول الله، وإن كان غنيًا ذا مال؟ قال: وإن كان غنيًا من المال. قال: ومسكينة مسكينة مسكينة، امرأة ليس زوج، قيل: يا رسول الله، وإن كانت غنية ومكثرة من المال، قال: وإن كانت» قال البيهقي: أبو نجيح اسمه يسار، وهو والد عبد الله بن أبي نجيح، والحديث مرسل «.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبيهقي عن أنس قال»
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالباءة، وينهانا عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة «.
وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم»
إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي «.
وأخرج البيهقي من وجه آخر عن أنس. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:»
من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الباقي «.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل رجل عابد، وكان معتزلًا في كهف له، فكان بنو إسرائيل قد أعجبوا بعبادته، فبينما هم عند نبيهم إذ ذكروه فأثنوا عليه، فقال النبي:»
إنه لكما تقولون لولا أنه تارك لشيء من السنة وهو التزوج «.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن شداد بن أوس أنه قال:»
زوِّجوني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن لا ألقى الله عزبًا «.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: قال معاذ في مرضه الذي مات فيه: زوجوني إني أكره أن ألقى الله عزبًا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. اهـ.

.تفسير الآية رقم (88):

قوله تعالى: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان الحال لما ألزموا به أنفسهم مقتضيًا للتأكيد، أمر بالأكل بعد أن نهى عن الترك ليجتمع على إباحة ذلك الأمر والنهيُ فقال: {وكلوا} ورغبهم فيه بقوله: {مما رزقكم الله} أي الملك الأعظم الذي لا يرد عطاؤه.
ولما كان الرزق يقع على الحرام، قيده بعد القيد بالتبعيض بقوله: {حلالًا} ولما كان سبحانه قد جعل الرزق شهيًا، وصفه امتنانًا وترغيبًا فقال: {طيبًا} ويجوز أن يكون قيدًا محذرًا مما فيه شبهة تنبيهًا على الورع، ويكون معنى طيبه تيقن حله، فيكون بحيث تتوفر الدواعي على تناوله دينًا توفّرها على تناول ما هو نهاية في اللذة شهوة وطبعًا، وأن يكون مخرجًا لما تعافه النفس مما أخذ في الفساد من الأطعمة لئلا يضر، قال ابن المبارك: الحلال ما أخذ من جهته، والطيب ما غذّي ونميّ، فأما الطين والجوامد وما لا يغذي فمكروه إلا على جهة التداوي، وأن يكون مخرجًا لما فوق سد الرمق في حالة الضرورة، ولهذا وأمثاله قال: {واتقوا الله} أي الملك الذي له الجلال والإكرام من أن تحلوا حرامًا أو تحرموا حلالًا، ثم وصفه بما يوجب رعي عهوده والوقوف عند حدوده فقال: {الذي أنتم به مؤمنون} أي ثابتون على الإيمان به، فإن هذا الوصف يقتضي رعي العهود، وخص سبحانه الأكل، والمراد جميع ما نهي عن تحريمه من الطيبات، لأنه سبب لغيره من المتمتعات. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله: {وَكُلُواْ} صيغة أمر، وظاهرها للوجوب لا أن المراد هاهنا الإباحة والتحليل.
واحتج أصحاب الشافعي به في أن التطوع لا يلزم بالشروع، وقالوا: ظاهر هذه الآية يقتضي إباحة الأكل على الإطلاق فيتناول ما بعد الشروع في الصوم، غايته أنه خص في بعض الصور إلا أن العام حجة في غير محل التخصيص. اهـ.
قال الفخر:
قوله: {حلالا طَيّبًا} يحتمل أن يكون متعلقًا بالأكل، وأن يكون متعلقًا بالمأكول، فعلى الأول يكون التقدير: كلوا حلالًا طيبًا مما رزقكم الله، وعلى التقدير الثاني: كلوا من الرزق الذي يكون حلالًا طيبًا، أما على التقدير الأول فإنه حجة المعتزلة على أن الرزق لا يكون إلا حلالًا، وذلك لأن الآية على هذا التقدير دالة على الإذن في أكل كل ما رزق الله تعالى وإنما يأذن الله تعالى في أكل الحلال، فيلزم أن يكون كل ما كان رزقًا كان حلالًا، وأما على التقدير الثاني فإنه حجة لأصحابنا على أن الرزق قد يكون حرامًا لأنه تعالى خصص إذن الأكل بالرزق الذي يكون حلالًا طيبًا ولولا أن الرزق قد لا يكون حلالًا وإلا لم يكن لهذا التخصيص والتقييد فائدة. اهـ.